قبرص
قبرص دولة قائمة على جزيرة في شرق حوض البحر الابيض المتوسط في جنوب شرق أوروبا و جنوب غرب آسيا. استقلت عام 1960 عن بريطانيا. تم تقسيمها بعد التدخل العسكري التركي عام 1974 إلى جزئين ذو أغلبية سكانية يونانية (في الوسط و الجنوب) و جزء ذو أغلبية سكانية تركية (في الشمال). أعلن في عام 1983 قيام جمهورية شمال قبرص التركية في القسم التركي.
الجغرافيا
تبلغ مساحة قبرص حوالي 9,250 كم مربع يدعى السهل المتمركز في وسط البلاد بميزاوريا. هناك سلسلتان جبليتان في البلاد: في الشمال سلسلة جبال بينتاداكتيلوس و في الجنوب و الغربي سلسة جبال ترودوس. معظم السهول متواجدة على الساحل الجنوبي.
المناخ معتدل ممطر شتاءا و حار صيفا.
السكان
ينقسم سكان البلاد عرقيا و لغويا و دينيا تماما حسب التقسيمة السياسية الحالية إلى جزء يوناني و جزء تركي. تتشابه الطائفتان في العادات الاجتماعية و لكن يختلفوا كثيرا خاصة في الدين.
اللغة اليونانية محكية خاصة في الجنوب بينما التركية في الشمال. هذه التقسيمة اللغوية تعود فقط إلى فترة ما بعد نشأة جمهورية شمال قبرص التركية في الشمال و نزوح اليونانيين من الشمال إلى الجنوب، قبل ذلك كانت اللغة اليونانية هي اللغة الأكثر انتشارا. اللغة الانغليزية مستعملة على نطاق واسع، يرجع ذلك إلى فترة الاستعمار البريطاني للجزيرة.
تماما كاللغة فإن الدين مقسم حسب الطائفة. القبارصة اليونانيون يدينون بالمسيحية الأرثوذكسية
التاريخ
قبرص قديما
تشير بعض الحفريات و الوثائق إلى أن جزيرة قبرص احدى الجزر الماهولة بالسكان منذ الالف السادس قبل الميلاد و ان قبرص ارتبطت بعلاقات مختلفة مع حضارات البحر المتوسط منذ الاف الثانى قبل الميلاد . و ان الجزيرة كان لها علاقات تجارية في الاف الثانى قبل الميلاد مع مصر و سوريا تتمثل في تصدير النحاس الذى تمتلى به اراضى الجزيرة.
في النصف الثانى للالف قبل الميلاد نشئت في قبرص كتابة خاصة لم ينجح العلماء في فك رموزها حتى لحظة كتابة تلك السطور. و توافد على الجزيرة موجات من المهاجرين اليونانين مما ادى لازدهار الجزيرة و انتعاش اقتصادها. كنتيجة للازلازل التى اصابت الجزيرة عام 1100 ق.م هجر السكان المدن الكبرى بالجزية مثل بافوس Paphos و انكومى Encomi و كيتيوم caitium الجزيرة.
مع مطلع الالف الاول قبل الميلاد كان بالجزيرة ثلاث جماعات لغوية اساسية تختلف لغاتها ما بين الفينيقية و القبرصية القديمة و لغة مشتقة من اليونانية و ادى ذلك التنوع اللغوى لظهور ثقافة قبرصية غلب عليها الفكر اليونانى. و في ذلك الوقت تقاسم الجزيرة 9 ممالك منها مملكة بافوس ،مملكة امانوس و مملكة سولى و كان اهمهم مملكة سلاميس التى حكمها الملك ايفاجورا Evagoras .
خضعت قبرص بعد ذلك للسيطرة الاشورية في عهد سرجون الثانى 705-724 ق.م و حتى عام 612 ق.م ثم احتلها المصريون لمدة قرن و الفرس عام 522 ق.م حتى مجى الاسكندر الأكبر المقدونى و انتصاره على دارا الثالث ملك الفرس في موقعة اسوس عام 333 ق.م. بعد وفاة الاسكندر الأكبر اصبحت قبرص من نصيب بطليموس حاكم مصر و عندما اشتدت المعارك بين بطليموس و خصمه انتيجونوس استولى الاخير على الجزيرة لمدة لا تتجاوز 10 سنوات و عام 310 ق.م تمكن البطالمة من اعادة السيطرة على قبرص و ظلت الجزيرة تحت سيطرتهم قرابة قرنين و نصف حتى احتلها الرومان عام 58 ق.م
من الحكم الاسلامى الى الحملات الصليبية
عندما تم تقسيم الامبراطورية الرومانية إلى شرقية و غربية عام 330 م. اصبحت قبرص خاضعة للامبراطورية البيزنطية الشرقية حتى القرن السابع الميلادى حيث حاول المسلمون غزوها عام 12هـ-632 ميلاديا و استولى عليهاالخليفة معاوية عام 28 هـ بالف و سبعمائة سفينة و فرض على اهلها الجزية التى رفضها اهل قبرص بعد ذلك في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان فقام المسلمون بحملة على الجزيرة عام 75هـ-693 م و عام 109 هـ-726 م, و عام 126 هـ-743 م و في عهد هارون الرشيد.
خلال الحملة الصليبية الثالثة غزا ريتشارد قلب الاسد قبرص عام 1191 م و كانت مركزا للحملات الصليبية و في عام 1196 انشئت بالجزيرة كنيسة ارثوذكية و اصبحت قبرص دولة أرثوذكسية.لم تستطع جيوش ريتشارد قلب الاسد السيطرة على الجزيرة طويلا فباعها لفرسان المعبد و لكنهم لم يستطيعوا الوفاء بالثمن فانتزعها منهم و باعها للملك جى دى لوسينان ملك بيت المقدس المعزول و الذى اسس اسرة لوسينان التى حكمت قبرص حتى عام 1489 م.اصبحت الجزيرة مركز هامة للثقافة الفرنسية في الشرق ابان حكم جى دى لوسينان و اسرته.
ابان هذا شن السلطان المملوكى برسباى ثلاث حملات على الجزيرة ما بين عامى 1424-1426 م و اسر خلالها ملكها جونس و اجبر قبرص على دفع الجزية لمصر حتى تم غزوها على يد العثمانين.
نتيجة لسيطرة مدينة جنوة الاقتصادية على الجزيرة و تجارتها خضعت الجزيرة لوصاية جنوة و اصبحت قبرص دولة كاثوليكية. اراد حكام الجزيرة التخلص من سيطرة جنوة على الحكم في قبرص فعقدوا تحالفا مع مدينة البندقية تزوج بموجبه جيمس الثانى الاميرة كاترين كورنارو التى تربعت على عرش الجزية و ماتت تاركة حكم البلاد إلى البنادقة.
الحكم العثمانى
استولى العثمانيون على الجزيرة بعد ذلك و طردوا البنادقة منها عام 1571 م على يد السلطان سليم الثانى و ذلك بغرض القضاء على مراكز القرصنة في شرق البحر المتوسط. تشكلت بالجزيرة جاليات تركية بعد الغزو العثمانى حتى بلغ عدد السكان المسلمون في قبرص ثلث السكان خلال قرن واحد و عام 1777 م كان عدد السكان 84000 نسمة منهم 47000 من المسلمين.
كان من أهم نتائج الغزو العثمانى للجزيرة القضاء على النظام البنقى الاقطاعى و السماح لاهل قبرص بادارة اراضيهم مقابل الجزية و ايضا الاعتراف بالاسقف الارثوذكسى كشخصية لها سلطات ادارية في قبرص و السماح للارثوذكس بممارسة انشطتهم الدينية بعد ما شهدوه من الاضطهادات الدينية من قبل حكام قبرص البنادقة الكاثوليك [بحاجة لمصدر] و في عام 1821 اتهمت السلطات العثمانية الكنيسة الأرثوذكسية القبرصية بدعم اليونانين الثائرين على الحكم العثمانى فقامت السلطات بعزل الاسقف الارثوذكسى و اعدام العديد من الأرثوذكس.
الحكم الانجليزى
في عام 1878 و بموجب اتفاقية بين الدولة العثمانية و بريطانيا حصلت الاخيرة على حق إدارة قبرص مع الاحتفاظ بسيادة الدولة العثمانية عليها و مبلغ مالى تدفعه بريطانيا و استمرار دفع اهالى قبرص الجزية و مساعدة بريطانيا الدولة العثمانية ضد اى هجوم روسى.
استقبل القبارصة اليونانيون القرار السابق بالترحاب حيث وجده خطوة في طريق الانضمام إلى اليونان. و كان أول ما فعلته السلطات البريطانية هو تكوين مجلس محلى يعين فيه ستة موظفين بريطانين و ينتخب القبارصة فيه 9 من القبارصة اليونانين و 3 من القبارصة الاتراك حسب النسب بين الجماعتين في ذاك الوقت.
عام 1914 و نتيجة دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا اعلنت بريطانيا ضم قبرص اليها. و في عام 1915 عرضت بريطانيا على اليونان اعطائها قبرص مقابل مشاركة اليونان في الحرب إلى جانب الحلفاء الامر الذى رفضته اليونان.
بموجب معاهدة لوزان تخلت الدولة العثمانية عن قبرص لبريطانيا عام 1923و في عام 1925 اعلنتها بريطانيا أحد مستعمراتها.
خلال تلك الفترة ساد الود ما بين القبارصة اليونانين و الاتراك و تعاونوا معا ضد الوجود الانجليزى ففى عام 1921 رفض اهالى قبرص قانون يلزم مدارس الجزيرة باعتماد اللغة الإنجليزية و زادت العمليات العسكرية ضد الوجود البريطانى في الفترة ما بين عامى 1928 إلى 1931 م. و عام 1931 اعتمدت السلطات البريطانية ميزانية هذا العام 1931 على الرغم من عدم موافقة اغلبية اعضاء المجلس التشريعى مما ادى لحدوث انتفاضة شعبية هائلة خاصة من القبارصة اليونانين بدعم من الكنيسة الأرثوذكسية.
اتجهت السلطات البريطانية بعد تلك الانتفاضة إلى تعليق الاحزاب و الغاء الحريات و اعدام الزهماء السياسين و انشئت بقبرص قاعدتين عسكريتان لاتزالان تعملان حتى الان في منطقتى أكروتيري ودهكيليا، على امتداد الساحل الجنوبي.
مع مقدم الخمسنيات ضاق القبارصة بالغزو البريطانى و خاصة القبارصة اليونانيون فاسسوا حركة سرية تدعى ايوكا هدفت لمحاربة الغزو و الانضمام إلى اليونان و عينت الحركة الاسقف مكاريوس رئيسا لها. قامت الحركة بهجمات عنيفة ضد الإنجليز طالت القبارصة الاتراك مما القى البلاد في اتون الحرب الاهلية.عام 1955 اخذت الحرب بين ايوكا و الإنجليز شكل حروب الشوارع و العصابات فقامت بريطانيا بنفى مكاريوس إلى سيشل الا ان الثورة اشتدت. مما اضطر السلطات البريطانية للافراج عنه و الدخول في مفاوضات استقلال الجزيرة.
في مقابل حركة ايوكا السرية انشا القبارصة الاتراك حركة فولفان السرية عام 1957 م برئاسة رؤوف دنكطاش و بمعاونة تركيا و ذلك لحماية القبارصة الاتراك و مالبثت الحركة ان تخلت عن السرية و اطلقت على نفسها المقاومة التركية.
و في عام 1959 اجتمع قادة قبرص الاتراك و اليونانين و ممثلى الغزو البريطانى في مدينة زيورخ لبحث استقلال الجزيرة و بعد مفاوضات طويلة و شاقة اعلن استقلال قبرص في 16 اغسطس 1960م و وضع دستور للجزيرة.
rfvw 1000 3000 7000 d,gd,
المفضلات