![]()
السياحة في المملكة تأخذ منحى عقلياً وروحياً وجمالياً ومعرفياً ، وهي ضرب من ضروب وسائل تحصيل المعرفة وإيجاد التواصل الاجتماعي وتعميقه .ومنطقة الباحة تعد إحدى مناطق المملكة التي حباها الله تعالى بأبدع وأجمل المقومات الطبيعية السياحية مما يدعو إلى الاستفادة منها في إطار تلك النظر الحضارية للسياحة .
فالسياحة أسلوب راق من أساليب التزود بالمعرفة والعلم أي أنها في بعدها الاجتماعي قنطرة إلى عالم الراحة النفسية وواحة من واحات الثقافة ورابطة من الروابط الاجتماعية ، وفي بعدها الاقتصادي قناة من قنوات الدخل الوطني ودرع من دروع حماية الدخل الفردي من أنماط التبذير والاستنزاف في السياحة الخارجية ، وفي بعدها الجغرافي حماية للثروات الطبيعية ، وفي بعدها الجمالي ربوة خضراء تطل منها على إبداعات الخالق العظيم بدءاً بتضاريس تبعث في نفس المصطاف مزيجاً فريداً من الرهبة والطمأنينة والتأمل معاً ، ومروراً بطقس متباين في مناطق متقاربة زمناً ومكاناً ، ومناخ عليل لطيف يأتي برائحة الكادي المعطر بعطر الزهور ، فما أروع أن يشعر الإنسان ببرد قارس على قمم جبال السروات وما هي إلا دقائق لا تزيد عن الثلاثين حتى يفترش الأرض ويلتحف السماء وسط مروج خضراء أو وسط أودية دافئة بقطاع تهامة ، وما أن تشتد درجة الحرارة في فصل الصيف بتهامة حتى يبدأ التهاميون (رحلة الصيف) قاصدين قمم السروات حيث الجبال الخضراء والجو العليل والغابات بظلال أشجارها الكثيفة ، هكذا يقولون عن منطقة الباحة إنها سياحة كل فصول وزراعة كل المحاصير على مدار العام .
وقد ازدادت السياحة بالمنطقة سهولة ويسراً بسلسلة الخدمات التي وفرتها الدولة ، فالمنطقة يخترقها الطريق السياحي العملاق الذي يتموج كعقد أخضر أطرافه خضراء وحباته سوداء على صد فتاة ، بدءاً بجدة ومروراً بمكة والطائف ثم الباحة ومتجها في كبرياء إلى بلاد عسير أو متفرعاً إلى تهامة والقنفذة فنجران أو جيزان أو جدة غرباً على التوالي .
والمصطاف الذي ينطلق عبر هذا الطريق العملاق يمكنه أن يتوقف وقتما شاء وكيفما شاء ، فالطريق آمن وحديث ، والحصون والقلاع المشرئبة من خلف بناية حديثة أو وسط غابة كثيفة أو فوق ربوة عالية شاهدة على زمن كان الخوف قد سكن وقته قلوب المسافرين من فرط مخاطر كان مصدرها قاطع طريق أو حيوناً مفترساً أو وعورة طريق أو ظمأ يبطش بالمسافر .والمنطقة بأكملها لوحة فنية طبيعية رائعة الجمال تحفها الأدوية مثل وادي بيدة ، أحد فروع وادي تربة ، ينحدر في إصرار صوب نجد ، اشتهر قديماً بصناعة المنسوجات والفرش والعباءات . جاء ذكره في كتب الهمداني وياقوت الحموي (يذكر الهمداني أن أعلا أبيدة لعدوان وفهم وأسفله لبني هلال .. والقول بأنه من بلاد خثعم صحيح أيضاً لأن خثعم كانت بجوار إخوانها بجيلة ثم حدثت أمور دفعت خثعم إلى النزوح من السراة إلى سفوحها .
وفيه لقي شاعة لامية العرب المشهور (الشنفري) حتفه والوادي غني بزراعة الرمان ، وهناك وادي تربة ، يبدأ انسيابه من وادي الصدر إلى أن يلتقي بوادي تربة البقوم في الشمال الشرقي وبه مزارع الرمان والذرة والشعير والمياه الجارية وغدران المياه وأشجار الأثل ثم وادي ثروق ، يبدأ رحلته من أسفا العياش الجنوبية ليصب في جرداء بني علي بتهامة وثروق اسم قرية عظيمة لبني دوس أبن عدنان بن زهران .. هكذا قال ياقوت الحموي ، ثم وادي جدر ، ووادي جرب في العقيق ووادي الجرداء المنحدر من جبال بني عاصم ووادي الجوف غرب جبل شدا الأعلى وتخضره المياه المتسربة من جبل شدا ويشتهر برزاعة البن ، ووادي دوقة ينساب من بداية إصدار بيضان وبني حسن ويحط رحاله في البحر الأحمر ويرفده عشرة أودية ، ووادي راش يبدأ من ذي عين الشهيرة لتعانق مياهه وادي الأحسية وترفده سبعة أودية ووادي رنية ببني كبير الذي يبدأ من قرية الحبيس ثم تمتزج مياهه بوادي بيشة ووادي رنية النخيل ، ووادي قوب الذي شهد ملحمة أبناء غامد وزهران ضد الأتراك عام 1321هـ ، فكان النصر لهم وعاد الأتراك إلى حيث أتوا .. وأودية المنطقة كثيرة دونها الرصد والحصر
ومن أبرز المقومات السياحية بالمنطقة الغابات الطبيعية وهي لوحات فنية طبيعية تفيض سحراً وعطراً وجمالاً واكتمالاً ، فلكل كبيرة أو صغيرة في الطبيعة دور في تشكيل هذه اللوحات الفنية الرائعة .. تبدأ ملامح هذه اللوحة برقصة عندما يداعب النسيم أغصان الأشجار الظليلة ، فتتساقط الأوراق برفق على سنابل الريحان أو وسط النباتات العطرية ، وحتى لقطرة المطر أو لقطعة البرد دور في تكوين اللوحة وتأتي الشمس مرسلة أشعتها ، أما بعيد الشروق وأما قبيل الغروب فتتدلى خيوطاً ذهبية من وسط أوراق الأشجار وتلك الطرق المزفلتة المتعرجة وسط الغابة تبدو كحزام كحلي غامق لونه قد زين خاصرة حسناء ترفل في ثياب خضر.
ولأهمية السياحة أنشأت إمارة منطقة الباحة إدارة التطوير السياحي التي تتولى تنمية السياحة بالمنطقة إدراكاً منها بوجود المقومات السياحية وضرورة الاستفادة منها فتتولى هذه الإدارة مهمة وضع الخطط اللازمة وإيجاد التنسيق بين الجهات الأهلية والرسمية المعنية ، وتحظى باهتمام ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز وسمو نائبه .
![]()
ومن الأساليب المبتكرة التي تدعم السياحة بالمنطقة وتنقل الإعلام عنها إلى خارجها ذلك المشروع الذي أقيم على أرض الجنادرية وحظى بإشادة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد عند افتتاح سموه لبيت الباحة بالجنادرية .
وجاءت فكرة إنشاء بيت الباحة بالجنادرية من سمو الأمير فيصل بن محمد أبن سعود فأصبح البيت نافذة فاعلة يتعرف من خلالها زوار الجنادرية على منطقة الباحة فالبيت يعد نموذجاً مجسداً للمنطقة تراثاً وسكاناً ونهضة حضارية وعمرانية .
ومواكبة لجهود تطوير السياحة شهدت المنطقة طفرة في إنشاء الفنادق والشقق المفروشة تناسب من حيث النوعية والمستوى كل مستويات الدخول لدى المصطافين والزوار .
l,s,um hgfhpm hghg;jv,kdm 2009 arab holidays
المفضلات