بيروت مدينة المفارقات
مرات تهدمت ، و ابتلع بعضها البحر، وكل مرة كانت تنهض من موتها ، حية بأجمل مما كانت ، وتزيد على طابعها ملامح جديدة تضفي عليها سحرا خاصا يزيده تألقا هذا المزج فيها بين الشرق و الغرب.
فرادتها أن وجوهها منوعة كقوس الغمام ، لها وجه صاخب و آخر هادىء ، وجه أنيق و آخر مزدحم ، فعلى ناصية كل شارع مشهد مغاير.
لا يمكن لزائر بيروت أن يظل حياديا أمام مفارقاتها: ففي الشارع الواحد باعة جوالون يدفعون عرباتهم تحت شمس محرقة ، يمرون أمام محلات فخمة جدا تعرض في واجهاتها أثمن البضائع الأجنبية. وفي شارع آخر، تتجاوز الأبنية التراثية المرممة مع ناطحات سحاب عصرية مزنرة بالمرايا ، كماتنعكس عليها تضادات الحاضر و الماضي. و لاتزال في شوارع بيروت أحياء فارغة ، إلا من أشباح هي آخر شهود الحرب، و على نواصي الشوارع نفسها شوارع أخرى تكتظ بالمطاعم و المقاهي والنوادي الليلية مما يجعل بيروت مدينة لا تنام.
و تزدهي بيروت اليوم بوسط تجاري ما زالا يشهد ترميما عمرانيا حديثا و عصريا ، طاول أحيانا مباني قديمة فبدت خارجة من إحدى حكايات ألف ليلة و ليلة، حولها شوارع للمشاة دقيقة الهندسة ،غالبا ما يشهد ليلها زوارا يختلفون إلى نشاط فني أو ثقافي. و في هذا الوسط بقايا حمامات رومانية يطل عليها السراي الكبير ( بناه العثمانيون عام 1849 و قد انتهى ترميمه و ظهرت معالمه المهيبة).
وعلى خصر بيروت كورنيش المنارة الممتد نحو كيلومترين ، و المعجوق دائما بالمتنزهين و هواة المشي و الركض، يتغلغلون بين باعة الكعك و القهوة ، و بين عشاق حالمين اداروا وجوههم إلى الأفق ، يتأملون غياب الشمس خلف صخرة الروشة قوسا غرز مرساته في بحر بيروت.
إلى كل هذا ، تبرز مركزا تجاريا مهما في الشرق ، تتجاور فيه المصارف و المؤسسات الدولية ، غانمة من التسهيلات المالية في النظام الاقتصادي الذي
أخذت معه بيروت تسترد دورها الريادي مفصلا مهما في الشرق الأوسط.
دمتم بود
dodetta
fdv,j l]dkm hglthvrhj arab
المفضلات